تربية الخيول من أجمل الهويات التي يهواها البعض منّا نظرًا لجمال هذه المخلوقات التي خلقها الله -عز وجل- لينتفع بها الإنسان، من المتعارف عليه أنّ الخيول قديمًا كانت وسيلة من وسائل النقل والمواصلات التي تقلّ الناس أثناء سفرهم وترحلاهم، وكانت أيضًا تستخدم في الحروب، بالإضافة إلى استخدامات أخري لا يسعنا المقام إلى ذكرها، لكنّ اليوم ومع تطور وسائل النقل والمواصلات، وظهور السيارات والطائرات، تمّ الاستغناء عن الخيل كوسيلة للنقل والمواصلات، ولكن هذا لم يفقد الخيول قيمتها، بل ما زالت الخيول وخاصة العربية الأصيلة مجال اهتمام العديد من الناس الذين يهتمون بالخيل ويقومون على تربيته.
تربية الخيول ليست كغيرها من تربية الحيوانات، وإنّما تربية الخيل صعبة وليس في متناول الجميع نظرًا لغلائها ولمساحة الأرض التي تحتاجها مزرعة الخيل، من المعروف أنّ الخيل كائن ضخم يحتاج إلى مساحات كبيرة من الأراضي لذلك نجد هناك أشخاص محددين هم من لديهم مزارع للخيول، وهؤلاء الأشخاص من أغنياء القوم يملكون كافة المقومات التي تساعدهم على تربية الخيل.
حتّى على مستوي الدول، هناك عدد قليل من دول العالم من يهتم بتربية الخيول ليس لافتقارها للمال، لا، هناك دول تمتلك المال، ولكن لا تهتم بالخيل، وهناك دول تهتم بتربية الخيل؛ لأنّه جزء من تاريخها وحضارتها وتراثها أيضًا، لذلك نجد هذه الدول لديها خيول من أرقى سلالات الخيل العربية وأفضلها، مثل دولة تونس التي تعتبر تربية الخيل من التقاليد العريقة للبلاد، أصبحت تونس اليوم تهتم بشكل ملحوظ بالخيل منذ عام 1866م، حيث أصبحت تنظم القطاعات وتعمل على تحسين سلالات الجياد، حيث أصبحت اليوم تعدّ أكثر من 26 ألف جواد من ست سلالات مختلفة.
تعتبر تونس اليوم رائدةً في تربية الخيول، حيث تعتبر الخيول "العربية الأصيلة" و"البربرية" (نسبة إلى البربر السكان الأصليين لبلدان المغرب العربي)، وخيول "مقعد" (نسبةً إلى منطقة "مقعد" الجبلية (شمال غرب البلاد) من أبرز سلالات الخيول المميزة في تونس اليوم)، كما وتنتشر في تونس أيضًا تربية الخيول "العربية البربرية"، (ناتجة عن تلاقح بين الخيول العربية والبربرية) وبشكل أقلّ "الإنجليزية الأصلية" و"العربية الإنجليزية" (ناتجة عن تلاقح بين الخيول العربية والإنجليزية).
يرجّح بعض المؤرخون أنّ تربية الخيول ازدهرت في إمبراطورية قرطاج، وهي الاسم القديم لتونس التي تأسست عام 814 قبل الميلاد، حيث تمّ الاعتماد عليها في الزراعة والتنقل والتجارة والحروب.
اهتمام تونس بالخيل لم يكن وليد هذا العصر، بل يمتدّ إلى العصور القديمة ترجع إلى ما قبل الميلاد، حيث اعتمدت جيوش القائد العسكري القرطاجي الشهير "هانيبال"، (ولد في 247 ق.م، وتوفيّ في 183 ق.م)، على الخيول البربرية لغزو شمال إفريقيا، وقد ركب هانيبال وجيوشه البحر بالخيول البربربة واستعملوها في زحفهم على إسبانيا وفرنسا وسويسرا وإيطاليا، كما ضمّت متاحف تونسية اليوم قطعًا نقدية قرطاجية (من عهد قرطاج) نقشت عليها رسوم الحصان البربري، وهذا دليل على عراقة تونس وتاريخها في تربية الخيل.
المقالات المتعلقة بتربية الخيول في تونس